لو ليت ردود هحط الباقي
المــنظر الأول :
غرفة تحرير في إحدى المجلات الصغيرة التي كانت تصدر بالقاهرة قبل عام 1952. في الغرفة مجموعة من المكاتب والمقاعد, ومائدة اجتماعات. على الجدران صور لبعض قادة النضال القومي. وعلى الجدار المواجه للمائدة لوحة دون كيشوت لدومييه..
الأشخاص: [سعيد ـ حسان ـ زياد ـ حنان].
**سعيد: (وهو يمد أمامه بعض صحف اليوم)
انظرْ .. حسان
أسلوب كالطُرقات المتعرجة الوحِلة
يتسكع فيه فكرٌ مخمورٌ متعثرْ
**حسان :
أرجوك , سعيد ..
كفَّ, ولو يوما, لا غيرْ
عن صوْغ الكلمات وحَبْكِ الشعرْ
حقّا هذي صحف القصرْ وأبواقُ المستعمرْ
لكن ما أجملَها لو قارنّاها بصحيفتنا المحتشمة الرافعةِ لواءَ الطهرْ
**زياد :
هم يجتذبونَ عيونَ القراء
بإشاراتِ الكلماتِ البرّاقة
والقارئ قد يقرؤهم, قد يهوِي في شَرَكِ الإغواء لكن لابدَّ وأن يلعنهم إذ يطوي الصفحات.
**حسان :
الأرقام تحدِّق في وجهِكَ .. أزياد
ساخرةً قد مطّت شفتيها في استهزاء
نحن نوزع بضعةَ آلاف
وصحيفتهم عشرات الآلاف
أما اللعنة ..
فأنا أعرفهم يستجدون سحائبَها كالمؤمن إذ يستجدي البَرَكة
وشعارهم المعتاد
اقرأْنا ... والعننا
لكن لا أحد يلْعنُهم في عَلَنٍ أو في سر
انظُرْ .. سطح من أفكارٍ رخوهْ
كالطحلب فوق شطوط البَحر
والقراء يحبون الاسترخاء عليها
يلتذّون بشَمِّ العطن المتخثر
كمريضٍ يتشمَّم خَدَرًا من كفِّ طبيبٍ دجّال
ويضيقون بنا إذ نلقي بهِمُ في غابة صبّار
لنجرّب شيئا غير الكلمات
**سعيد :
ماذا نملك إلا الكلمات
هل نملكُ شيئا أفضل ?
**حسان :
ما تمْلكه يا مولايَ الشاعر
لا يُطعم طفلاً كسرةَ خبز
لا يسقي عطشانا قطرةَ ماء
لا يكسو عُرْي عجوزٍ تلتفُّ على قامتها المكسورةِ ريحُ الليل
لابدّ من الطلقة والطعنة والتفجير
إنى أحْمِلُ هذا في جيب
[يخرج قلما]
حتى أتسكع معكم بين رياض الكلمات
إلى أن يأتي الوقت
لكني أحمل هذا في جيب آخر
[ يخرج مسدسا ]
**حنان :
ارفعْ هذا الشيءَ المزعجَ عن عيني يا حسّان
ولنتحدّث في الشعر ,
فالشعر أخفُّ الأضرار
فى العددِ الأسبوعيِّ من (الأزهارِ) اليومَ قصيدهْ
فى مدح الملك الصالح
للشاعر كامل طلعت
وهو يقول ...
**سعيد :
لا .. لا .. أرجوكِ حنان
لا تمتهني الشعرَ, فما هذا إلاّ كذب منظوم
**حسان :
أنا لا يشفي نفسي ألاّ أقرأ هذا الشاعر
أنا لا يشفي نفسي ألاّ أقرأ هذا الشاعر
بل يشفي نفسي ألا يكتب حين تطيرُ ذراعُهْ
[تدخل ليلى ]
**ليلى : (وهي داخلة )
أي ذراعٍ تتمنى لو طارت ... حسان
**حسان :
كلُّ ذراعٍ لا تحملُ قنبلةً يدويَّهْ
**زياد :
أهلاً ... ليلى
**ليلى : (وهي تجلس)
أهلاً .. كيف الحال أيا فرسانَ المستقبلْ
**حسان :
لا .. بل همْ فرسانُ المتحفْ
**زياد :
رفقاً حسّان
ما تذكُره ليس هو الثورهْ
الثورة أنْ تتحرك بالشعب
**حسان :
ماذا؟؟ .. الشعبْ .. ؟!!
إني لا أعرف معنى هذي الكلمة
لكنِّي أعرف معنى البيتِ, ومعنى الثوبِ, ومعنى اللقمه
أعرف معنى وَجْدِ امرأةٍ هرِمَهْ
تنتظر بقلبٍ ذائبْ
أنْ يرتفع الدلوُ بعائلها من بئر السُّلطة
أو أن يتثاءبَ بابُ السجنِ عن الولد الغائبْ
**ليلى :
حسّان
ما أخبار حُسام ?
هل زرتَ قريبا أمَّهْ ?
**حسان :
تلهو الشرطة بحسامٍ كما يلهو المجنون بدُمْيه
والقلق يحطم أمَّه
**سعيد :
لم يُسعدْني حظِّي بلقاء حسام
**ليلى :
جئتَ هنا في اليوم التالي للقبض عليه
**سعيد :
لكني كنتُ قرأتُ له موضوعا أو موضوعْين
لم يكُ يستهويني أسلوبُهْ
كانت فيه نفس الرنّهْ
رنة أسلوبِك يا حسان
أسلوبٌ يستأصلُ, لكن لا يلقي بذرَا
**حسان :
ستظل مريضا بالأسلوب إلى أن تدْهَم هذا البلد المنكوبْ
كارثةٌ لا أسلوبَ لها
ولقد تنسى عندئذٍ حين توزع ريحُ الكارثةِ المجنونهْ
نارَ النكبة كبطاقاتِ الأعيادْ
أن تنقذَ بضع قصاصات من شِعركْ
ولقد تتوسّد كومتهَ قدما الجلاّد
وهو يدحرجُ في أسلوبٍ همجيّْ
هذا الرأسَ العامرَ بالأسلوبْ
**سعيد :
آسف ... حسان
لم أكُ أعني إغضابَك حين ذكرتُ حسام
**حسان :
وأنا لم أغضبْ
لكن ...
[ تدخل سلوى ]
**سلوى :
طبعا , تلتهم حناجركم نفسَ الطبقِ اليوميِّ الساخنْ
نفْسَ الجدلِ الممتدِّ كحبلٍ, تُشنقُ فيه الساعات الأولى من كلًّ صباحْ
الله ... الله !
أبشرْ حسان
جاءت شاعرة أخرى
تشبيهانِ بليغانِ بخيطٍ واحد
لابد إذن ما دمتم كلكمُ شعراءْ
أن أقرأ رائعة العددِ الأسبوعيِّ من (الأزهار)
فأنا في الحقّ
يملأ قلبي الإعجابْ
برقاعة شاعرها الكذَّابْ
**سلوى :
لا .. لا .. أرجوكِ حنانْ
غِثيَت نفسي بقراءتها قبل مجيئي الآنْ
[تنتزع الجريدة من حنان التي تتمسك بها, حتى تتمزق بينهما قطعا, حنان تقرأ من قطعة بقيت معها]
**حنان :
لا .. بل أقرؤها, أرجوك
سلوى .. انتظري .. هذا مطلعها
(ملك أطل على الوجود بهاؤه) ..
**سلوى :
( وهي تنزع الورقة )
لن أعطيك الفرصة
**زياد :
بل لن يسعفها الوقت
هذا ميعاد تجمعنا الأسبوعي , العاشرة تماما
والأستاذ سيدخل في لحظات
(بلهجة من ينادي شخصا ما)
ادخُلْ يا أستاذ
[يدخل الأستاذ, وكأنه يستجيب لنداء زياد].
**الأستاذ :
صباح الخير
[يجلس على رأس المائدة, [ بينما يجلس حوله المحررون]
**الأستاذ :
هذا ميعاد تجمّعنا الأسبوعي
واليوم .. أحدثكم بحديثٍ قد يختلف قليلاً
عما اعتدتم من قبل
... من بضعة أشهر
ومجلّتنا تتألق كالوشم الناريِّ على ساعِدِ هذا البلد الممتدّ
أسدٌ لا يحمل سيفا,
بل يحمل بوقا يصرخ في صحراء الزمن اليابسْ
كي يحيي جثث المرضى المتكئين على سرر البلوى والخوفِ المقْعَدْ
الملتفين بأسمالِ اليأسِ كما تلتفّ البذره ..
فى قشر الموت الأسْود
من بضعة أشهر
وكتيبتها تتقدم في أفق الليل المربَدّْ
حاديها نجمان مضيئان بعيدان
الحريةُ والعدلْ
ينصب شعاعها في أعيننا, فيثير جنونا كجنون العشّاقْ
يتحول ما يتكسر من نورهما موجا تنحدر عليه الأشواقْ
نحو المستقبلْ
المستقبل
الزمن الآتي بالنجمين الوضاءين على كفَّيْه
الحرية والعدل
الزمن الكاسر للذلةِ والظلمِ كما تنكسرُ زجاجةُ سمّْ
تتفرق شظْياتٍ لا يلتمُّ لها شمْل
الزمن المْطِلقُ للأنسامِ لتحملَ حباتِ الخصْبِ السحرّية
وتفرقها في أرحامِ حدائقنا الجرداء المختومة بالعقمْ
وأنا حين اخترتكمو من بين شباب الكُتّابْ
لتصلُّوا جنْبي للزمن الآتي كيْ ينكشفَ ويتقدمْ
كنت - حزينا - أعلمْ
إني أسلبكم أياماً ماثلةً كيْ أعطيها للحلمْ
حلم قد لانشهده, خلجان قد لا نرسو فيها
رغم محبتنا للمدنِ الدافئةِ النائمةِ ببطن الخلجانْ
رغم أحبتنا, وضعوا الشمعة في الشباك, وناموا في اطمئنانْ
فى أعينهم ذكرانا كملائكةٍ رحلوا كي يأتوا بالغد
كي يأتوا بالمستقبل
حلم قد لا نشهده
ظلٌ قد يبلعنا الرمل , ولا نرقدُ في رغوته الرطبهْ
ونظل ظلالاً في أفق الصحراءْ
حتى نتبدَّدَ في صُفرتها الباهتةِ الملساءْ
عظاماً باهتةً صفراءْ
**زياد :
معذرة يا أستاذْ
هل لي أن أقطعَ حبلَ استرسالِكْ
**الأستاذ :
قلْ ما يحلو لك
**زياد :
فى صغري كان أبي يرحمه الله, ويبقيك إلى أن تشبعَ من أيامِكْ
لكني ما كنت أطيقُ الصبر
إذ كنتُ ذكيّا - من يومي -
أتوقّع ما سيبعثره من دُرّ
وخصوصا إن عاوده داء كان يعاوده مرّاتٍ خمسا في اليوم
**حنان :
ما اسم الداء ?
**زياد :
داء الحكمة
عندئذ كنت أعالجه بالكلماتِ فكان يعاجلني باللكماتْ
**الأستاذ :
لن ألكُمَك, فُقل
**زياد :
أعرف أنك سوف تقولْ
والآنْ ..
يا أصحابي الشجعانْ
يشتد ّعلينْا سيفُ السلطان وذَهَبُ السلطانْ
وأطالبكم أن تقفوا جنبي
لا أخشى أن يصرعَكم سيفُ السلطانْ
لكني أخشى أن يفسدَكم ذَهَبُهْ
**حنان :
زياد
لا تتظرّفْ , هذا كان حديثَ الأسبوع الماضي
إن كنت مصرّا أن تُبدي خفّة ظلّكْ
أنبئنا كيْ نضحكْ...
**زياد :
حقّا , هذا كان حديث الأسبوع الماضي
لكن هل جدَّ جديدٌ في دورة أسبوعْ
ما زال القصرُ هو القصرُ
والاستعمار الاستعمار
والأستاذ .. الأستاذ
وزياد المجنونُ زياد
وحنان العاقلة .. حنان
**الأستاذ :
والآن , وقد استعرضتَ ذكاءَك للزملاءِ , كما يتعرض للمارة عريان
هل لي أن أتكلمْ ?
**زياد :
لك ...
**الأستاذ :
لم ألْحَظ ما سوف أكاشفكم به
اليوم أو الأمْس
بل أوْرَق في نفسي هجْساً ونما إحساساً حتى مدّ ظلاله
حتى أصبحَ رؤيا تتمثل في أوجهكم كلَّ صباح
حين ألاقيكم في منحنيات الدرج العاري
منطلقين كما ينطلق السهم الأعمي
أو أنظركم فوق مكاتبكم
متكئين كما يتكئ السعفُ الأخضرُ فوق الماءِ الراكدْ
أيام الأسبوع تمرُّ , ويهوي نجمُ الليلِ المرهقُ في فجر الغدْ
وعيونكم شاخصةٌ , حتى يُكْمِل أسبوعٌ دورتَه, شهرٌ, شهرانْ
والأيدي تحفر في الأوراق , وتهبط بالأوراق
تلقيها في فتحِة مطبعةٍ جوعي
ثم تمجّ المطبعةُ الأوراقَ, لتلقيها للقراء ,
تتضور بعدئذٍ جوعا
وتمدُّ الأيدي للأوراقِ, لتبدأ نفسَ الدوره
لا نحكي إلا كلماتٍ متقطعةً كإشاراتِ البرْقْ
ثم يقطّبُ كلٌّ منَّا وجهه
ويدير المقعد كي ينكفئ على ذاتهْ
أو ينكبّ على مكتبه حتى تندمج الكتلةُ والإنسانْ
**زياد :
عذراً , لكنّي لا أملك أن أسكتْ
هل يعني هذا أنك تمنحنا عطله
الله , سأقضيها في النوم
ممدودًا في جوف سريري حتى تندمجَ الكتلةُ والإنسانْ
عنّى , عن أمي , عن جدّي يرحمه الله
قال :
منْ نام فشَفّ فمات
مات شهيدًا , وتحوَّلَ في أعطافِ الجنةِ مصطبةً يتكئ عليها رضوان
**الأستاذ :
لا .. لا عُطْله
بل شدوٌ وغناء
ستغَنّى مجموعُتنا كي نتعارفْ
إذ تندمج الأصوات وتتآلفْ ..
نُلقي عن أوجِهنا أقنعةَ العَمل المعقودهْ
**زياد :
هل يعني هذا أنّا سنكونُ فرقة رقصٍ وغناءْ
ما أحلاها من فكرهْ
**اسمعْ :
(أراك عصي الدمع شيمتُكَ الصبرُ .. )
هل يعجبكم صوتي ?
**الأستاذ :
بل فرقة تمثيل
يكفي أن تتجمع ساعاتٍ معدودة
في يوٍم أو يومين من الأسبوع
وبعيدًا عن جو العمل الصحفي
كي نجري تجربةَ الأدوار
فإذا أتقنَ كلُّ منّا دورَهْ
قدّمنا حفلاً ندعو فيه بعض الأصحاب الخُلَصَاء
والآنْ
فلنتخير عملاً فنيّا نبدأ به
**زياد :
موليير
الشيخ متلوف
فلدينا منه ألوف , وألوف
**حنان :
لا , بل إحدى كوميدياتِ الريحاني
**حسان :
لا يعجبني الموضوع جميعه
فأنا أتخيّل أنا لا نحتاج إلى أن نضحك أو نمرح
ضحكتْ هذي المدنُ المتبلدةُ الحسّْ
خمسةَ آلافِ سنهْ
ضحكتْ حتى استلقتْ ميتةً فاتحةً فاها
كالجرح الصديان
ظننت وخز الأيام النحس
دغدغة حنان
إنّا نحتاج إلى أن نغضبْ
**سعيد :
هذا حق .. حسان
لكن قل لي ...
ماذا نفعل في هذي الغرفة كلَّ صباح
إلاّ أن نشعلَ نارَ الغضب الحمراء
ونظل ندور حواليها , وندور , ندور ..
كمجذوبينَ إلى أنْ يتملكنا الإغماءْ
**الأستاذ :
لن نضحك أو نغضبْ
ما رأيكمُ في قصة حبّْ
أتذكَّرُ أنّا مثّلنا في صغرى قصةَ شوقي الحلوة
(مجنون ليلى)
أتذكَّرُ ـ ما زِلتُ ـ مشاهدَها ومناظرَها
وبما أنّي المخرجْ
فأنا أختار النص
**زياد :
لم أكُ أتصوّر يا أستاذ
أنك رومانتيكي حتى هذا الحدّ
لكن لا بأس
فالرومانتيكية واهنة أحيانا كالزبد الطافي فوق الموج
غاضبة أحيانا كالطوفان الهائج
لكن .. (مجنون ليلى)
أعلى درجات الرومانتيكية
لا أرضي إلا إنْ قمتُ بدور المجنون
**الأستاذ :
سيقوم سعيد بدور المجنون ...
**زياد :
لا بأس
فليذهب بالشهرة والمجد
لكني سأنافسه في ليلى
أنا ورد
**الأستاذ :
لا .. حسان هو ورد
فله سَمْتُ العقلاء ومظهرُ أولادِ الناس
وهو فدائيُّ, حتى في الحبّْ
هل ترضى يا حسان ?
**حسان :
سأحاول يا أستاذ
ولو أني لا يعجبني الموضوع جميعه !
**سعيد :
لكنيّ لا أرضى يا أستاذ
فأنا لم أعْلُ الخشْبةَ قطّْ
**زياد :
لا تفزعْ
فستدخل فيها حين تموتْ
أو تعلوها إذ تُشنقْ
**سعيد :
لا .. لا .. أنا لا أصلح للدور
**حسان :
لا , بل إنك أنسبنا للدور
إذ وجهك يصلح للإغماء
وتجيد الشِّعر
**سلوى :
وتجيد الحُبّْ
**الأستاذ :
من ليلى ?
**سلوى :
ليلى هي ليلى
وهنالك عشرة أسباب تجعلها أنسبنا للدور
منها خمسة أسباب ظاهرة كالشمْس وخمسة أسباب لا يعرفها إلا سلوى
**زياد :
أو قيْسْ
**الأستاذ :
كُفَّا عن عرض ذكائكما المتوقّد
**ليلى
أقَبِلْتِ الدور ?
**ليلى :
لا أدري يا أستاذ
فلعلني آخر من يتحدث
فأنا لا أعرف نفسي بعد
**الأستاذ :
لا , بل إنك ليلى
روحٌ ضائعةٌ بين الواقع والحلم
**زياد :
هل تنساني عمدًا يا أستاذْ
**الأستاذ :
لا , بل أنت زياد صاحب قيسْ
**زياد :
وا أسفاه
حلّت بي لعنة هذا الاسم
**الأستاذ :
والآن ... سلوى
[يدخل الحاج علي عامل المطبعة, وفي يده سلخة لم تجف بعد]
**الحاج علي :
معذرة يا أستاذ !
**الأستاذ :
ماذا يا حاجّ
هل منعوه كالعادهْ ?
**الحاج علي :
اكتبْ موضوعاً آخرْ
**الأستاذ :
هذا ما كنت أظنّْ
أرجوكم أن تمضوا في توزيع الأدوار
جلستنا الأولى بعد غدٍ في نفس الموعد
هيا يا حاج علي
لنرى ما يمكننا عمله
هيه ... ماذا أكتبْ ?
فلأكتب في الحبّْ
إلاّ إن كان الحبُّ مثيرًا لحساسيةِ القانونْ
لا أتوقّع أنَّهمُو قد منعوه بعد
**زياد :
لا , بل منعوه
اسمع يا أستاذ
[يقرأ في إحدى الصحف المنشورة أمامهم]
(لمحت عينا شرطي شابّا وفتاةً في إحدى المنحنيات الخافتة الضوء, فترصّد لهما حتى امتدت كفّ الشاب تداعب كفّ صديقته. فانقضّ كما ينقضّ الصقر, وساقهما للمخفر).
**ويضيف الصحفي :
(ونحن نحيّي لرجال الأمن مروءتهم وحماستهم للخلق الطيب, فالأمم بلا أخلاق لا تبقى أو تتقدم, والأعراض أمانة, تحميها الشرطة من عبث الأنذال. بل إنّا نتمنى لو خلَت الأمة من داء الفرنجة الطارئ مثل القبعة ولبس المايوهات ..)
**الأستاذ : (مقاطعا)
عبثٌ, والأيام تجدّْ
لا أدري كيف ترعرع في وادينا الطيب
هذا القَدْر من السفلة والأودغادْ
**حسان :
يا أستاذ
لا تكتبْ في الحبّْ
اُكتبْ في النِّقْمةِ والبغضاءْ
هذا عصر البغضاءْ
لا تنْسَ .. اكتبْ في البغضاءْ .
[ ستار ]