دروس في علم العروض
للمبتدئين
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
منهجنا في عرض الدروس
الحمد لله رب العالمين وبه نستعين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:
دعاني إلى كتابة هذه الدروس ما وجدت من إعراض الطلاب عن هذا العلم واستسخافهم له, وبرمهم به مع يسره وسهولته
ولقد هديت إلى أن سر هذا الضيق هو الطريق الذي درج عليه التأليف فيه فالمؤلف يحشد نحو خمسين مصطلحا عروضيا,ويطلب إلى التلميذ أن يستوعبها,حفظا وإدراكا,دون أن يفهم ما خلقت من أجله وما تفيد فيه ثم رأيتهم يرتبون البحور على حسب الدوائر التي فنها الخليل وهي تقضي بجعل الطويل أول بحر مع أنه يوزن بتفعيلتين والطالب في أول أمره لا يستطيع أن يزن بصنجتين ولا يتاح له ذلك إلا بعد أن يقضي وقتا في التدريب على غيره من البحور ذوات التفعيلة الواحدة المكررة
1/ ولما كانت دواعي التربية الأولى تقضي ألا يدعى الطالب إلى حفظ شئ يجهل مرماه,فقد نثرت المصطلحات العروضية في البحور نثرا وعرضت لها عند الحاجة إليها وان دعا ذلك إلى التكرير فنحن في أمس الحاجة إليه للتذكير
2/لما كانت قواعد التربية تقضي بان ينتقل الطالب من السهل إلى الصعب فقد بدأت بالبحور ذوات التفعيلة الواحدة المكررة
ثم بالبحور ذوات التفعيلتين المكررتين ثم بالأبحر ذوات التفعيلات المختلفات ليكون الطالب عند عبور البحور الأولى على مرانة تمكنه من جواز ما بعدها في يسر
3/ورغبة في أن يدرب الطالب على التقطيع التزمت أن يكون كل مثال في كل ضرب عبارة عن بيتين أقوم بتقطيع احدهما وادع الآخر للطالب ليقطعه مستعينا بالبيت الذي سبق تقطيعه
4/وإتماما للفائدة اتبعت كل بحر بتدريبات منوعة مصنفة غير جارية على نحو مسبوق ولا متأسية طريقا عرف بل هي بكر عذراء ثم اتبعت كل طائفة من البحور بتطبيقات عامه ليتبين بها الطالب جملة قوته ويعرف حقيقة إدراكه
5/وقد وجدت إن العروضيين إذا حذفوا من التفعيلة شيئا ووافق الباقي تفعيلة أخرى مألوفة حولوا ما بقى من التفعيلة الأولى إلى التفعيلة الأخرى
وهذا وان كان أحسن في المذاق إلا انه يحسن مع المبتدئ إن تبقى التفعيلة-إذا حذف منها شئ- على حالها ليتعرف على هذا المحذوف مثلا إذا دخل الحذف(مفاعيلن)صارت(مفاعى ) وهى بهذا الوضع تنادى بان فيها حذفا لأنه ليس هناك من التفعيلات ما وزنه(مفاعى) أما إذا حولت إلى(فعولن) كما يفعل العلماء فذلك جدير بان يصرف الطالب عن التعرف على ما بها من تغيير
6/والآن اختتم ما أردت إليه بما جاء في مقدمة كتاب (المجمل في الأدب العربي)
(ولقد عمدت إلى السهولة واليسر والبسط في البيان لأنني رأيت أن الإيجاز في هذا العلم لا يلائم عقل الشاب الذي ليست له دراسة سابقة على انه كثيرا ما يغرى بالاستظهار ويصرف عن الفهم والتدبر وإذا كان للتعليم في مصر آفة تفسده وتحول دون الانتفاع به فإنما الاعتماد على الذاكرة والانصراف عن النظر والتفكير)
وقد نهجت في تلك الدروس أن أكثر من الأمثلة حتى نتعود معا على نغمة البحر ونرجو ألا نمر على تلك الأمثلة مر الكرام وان نستفيد مما قد يعرض علينا من القصائد وان نحفظها لان من أهم مميزات الأديب حفظ الكثير من المقطوعات الأدبية
والله ولي التوفيق